الأربعاء، 20 يناير 2010

خان يونس (13)



الأربعاء 25/7/2007


ياااااااه ..ماأمتعه من شعور !!

المكوث لساعة ٍ بين أمواج البحر الهادئة ، بعد ذلك حماماً دافئاً منعشا ً ..

ومن ثَمَّ الاستلقاء على الرمل الأصفر الناعم في مُعَرّشٍ مسقوفٍ بجريد النخل ..

والهواء ُ الباردُ يراقصُ الأشجار أمامكَ ليحتويكَ بعدها !

ومع كل هذا ..

أنا في انتظار (كاسة شاي) بالنعناع ..

ياللنشوة ..!!!



المواصي ..تلك البقعة الفاتنة ، الساحرة ، المحازية للشاطئ ..

إنها جزءٌ مني ..من أحلامي ..من صراخي وصمتي ..

من قلبي ..ومن حبي !

مساء أمس ،

كنتُ أضُخُّ كآبةً ..لن يمكنني تحمل مكوث أي يوم آخر هنا ..في هذه المدينة الكئيبة

فأعددتُ العدة لقضاء ثلاثة أيام في ذلك المكان الساحر ..الخلاب !

علكم تذكرون أن أخوالي يقيمون هناك ويعملون بالزراعة ..

صحيح أنهم سيجبروني على العمل معهم ومساعدتهم ..وأني سأوافق رغماً عن أنفي !

إلا أنه أهون بكثير من الذي أنا فيه !!

أنا لاأدري كيف تسير أمور الزراعة في البلدان الأخرى ..ربما لديهم وسائلهم المتطورة ..

أو أدوات أخرى أكثر راحةً وسهولة ..

إلا أنها هنا في فلسطين متعبة ومنهكة مع الوسائل البسيطة والبدائية ..

_وأقل ما يوصف به من يعملون فيها أنهم أسود _

العضلات المفتولة ..السواعد القوية ..

والقدرة الهائلة على التحمل والصبر ..

حتى أني بعد الثلاثة أيام التي قضيتها شعرتُ بأني (رامبو)

ولكم أن تعلموا أن المنطقة تمر بها موجة حر حارقة ..خارقة !!

وما إن وطأت قدمي الأرضَ هناك حتى صاح بي أحد أخوالي:

_ يلاّ ياخال ..جهزلي حالك

_ أصبحنا وأصبح الملك لله ...أبْشِر؟؟!!

_ لا ..ماتخاف ..رايقة هاليومين فش شغل كتير ..

بس كلهم كم (بُكْسَة) بدنا نعبيهم ..

(البُكْسَة في الزمخشري : صندوق خشبي أو بلاستيكي توضع به الثمار )

قلتُ ساخراً :

_ أها ..كم بكسة ..طيب شو ...

بطاطا ..بندورة ...كوسة...؟!؟! ..أطربني !!!!

أجاب بمكر:

_لا ..شوية فلفل أحمر بس .

(ياللمصيبة ..فلفل أحمر ..هذا يعني العمل داخل (بيت بلاستيكي) أو مايسمى ب (الدفيئة)

درجة الحرارة بالخارج 37..هذا ماسمعته في النشرة الجوية ..

فكيف هي داخل الدفيئة !!!!

جحيم حقيقي ...

ومن يعملون بالزاعة يعرفون ماذا تعني دفيئة الفلفل !!!!! )

قلتُ بضحكةٍ اختلط بها بعض القهر، ومهوناً عن نفسي :

_ ههههههههه ..ماشي ياخال ..

فش أحسن من كده..حمام ساونا مجاني ..ههههههه

ثلاث ساعات كاملة مضت كأنها ثلاث سنين !

لا أدري لمَ تذكرت أينشتين حين سأله أحدهم بأنه لم يفهم النسبية بعد ؟!

فأجابه:

النسبية بكل اختصار أنك إذا قضيت ساعةً بصحبة امرأة جميلة تمضي وكأنها دقيقة..

أما لو قضيتها فوق موقد مشتعل تمضي كسنة !!!

أقسم بربي..فرغتُ من العمل وكأن أحداُ غمرني في بركةِ ماء وأخرجني ..

هذا لو استبدلنا الماء بالعرق !

ولكم أن تتخيلوا ما مدى تأثير أول نسمة هواء قابلتها بعد خروجي من الدفيئة..

كالانتقال من الجحيم إلى الجنة !!

البحر وأمواجه..هي أقصى ما أفكر به الآن ..

وبلمح البصر وجدتني أسترخي فوق الأمواج أو تحتها !!

آه..

نسيتُ أن أخبركم بهذه القصة الطريفة ،

موقف محرج_بالنسبة لي_ حصل أثناء العمل.

أحد العمال كان يعمل معنا في ذات الدفيئة ..

الحمق والغباء ..أول مابدر إلى ذهني حين نظرت إليه !

وفي أثناء المعمعة (معمعة الفلفل الأحمر) سألني:

_ في صف ايش انت ؟ > _ يسألني لأي مرحلةٍ مدرسية وصلت_

ولو أن حماراً (أعزكم الله) مرَّ من جورانا حين سأل ذاك السؤال لأجابه:

ألا يبدو لك أيها الأحمق أنه تجاوز هذه المرحلة بكثير !!

أجبته ببرودٍ ساخر:

_أنا في الجامعة يا أخ ..

قال:

_ آه بالجامعة ...ايش تخصصك ؟

أجبته:

_ لغة عربية ( مع أني أدرس الفيزياء ..لكن كما يقال بلغة الشارع: حبيت أنكش عليه راس)

رد:

_طيب..بدي أسألك سؤال ..أشوفك ناجح في الجامعة ولا لأ..ماشي ؟

(بكل مافي هذا الكون من سخرية ) أجبت:

_ هههههههه ..اسأل ياسِيدي.

مهلاً قبل أن أكمل

(أرجوكم أن تراعوا الظروف التي أنا فيها من حرارة لاتطاق وتعب وإرهاق و ...و...

ألا تعتقدون مثلي أنها تؤثر على التفكير )

نعود لأخينا

قال سائلاً :

_ أنَّ العصفور على الشجرة

اعرب هادي الجملة ..

أجبته بسخرية أخرى مماثلة (وياليتني مافعلت !!!)

_ هههههههه إنّ ياغبي ..

شو أنّ مابتزبط الحملة هيك

_ أنا بحكيلك أنّ ..

انت شكلك مش نافع بالجامعة

(بحدة)

_ أنا مصر إنها إنّ ..

_ وأنا بحكيلك أنّ ..أنا بدي اياها أنّ ..

أن العصفور على الشجرة ..يلا اعربها

_ياعمي روح..إنّ ..

انت جاي تتعابط على مين !

_ انت مش نافع في اللغة العربية ..

أنا بدي أحكيلك ..

أنَّ العصفور على الشجرة ..من الأنين

فعل ..........

_ ...

وكادت ابتسامته البلهاء تخترق عيني وقلبي ..

وضحك الآخرون !!!!!

(لقد تورطتُّ فعلاً ...)

وكمحاولة أخيرة لإنقاذ ماتبقى مني وجهتُ له قول:

_ طيب شكلها ياأخ..وريني كيف بدك تحط الحركات !!

فأجاب:

_ أنا ماالي في التشكيل ..خلاص انتهينا ..

وانت ماعرفت تجاوب .

_ ...



/

احم ...موقف محرج أليس كذلك ؟!!

وسرعان ماانتشر الخبر ..

وصرتُ أنا حديث المدينة أقصد المواصي